تربية الجاموس في سورية.. معوقات وخطط تطويرية

يعتبر الجاموس من الحيوانات الأليفة والمفيدة رغم أنّه يوحي بأنّه حيوان مفترس، ويشبه البقر في شكله، لكنه يختلف عنها في طباعه وتصرفاته، إلى جانب فوائد حليبه ولحمه المفضّل على منتجات البقر.
ويربى الجاموس بشكل عام في سورية في المناطق التي تُعتبر غنية بالمياه وقريبة من الأنهار، ويعتبر من الحيوانات قديمة الانتشار في سورية وتشير المراجع التاريخية إلى دخوله من الهند إلى بلاد الشام في القرن التاسع.
وتشتهر أرياف حماة بتربية الجاموس وخاصة في سهل الغاب، لوجود البرك المائية والأنهار والبحيرات التي تعتبر مرعى للجواميس، وخاصة نهر العاصي الذي يمر في المنطقة الخصبة، حيث تعتبر تربية الجاموس مصدر رزق للمربين، والكثير من الأسر التي تعتمد على حليبه ولحمه.
وأوضح الدكتور "أسامة حمود" مدير الإنتاج الحيواني في وزارة الزراعة أنّه يوجد في سورية نمطين للجاموس يسمى أحدهما "جاموس الأنهار" وينتشر في منطقة الجزيرة السورية (الحسكة_ الرقن) على امتداد نهري دجلة والفرات، وهذا النوع من الجاموس هندي الأصل لونه السائد أسود وتظهر فيه أحياناً ألوان أخرى مثل الرمادي المتدرج إلى الأحمر القاتم، وهو حيوان متوسط الحجم يعطي كمية جيدة من الحليب بحدود 1600 - 1800 كغ خلال موسم إدرار طوله 210 أيام، بينما النوع الثاني هو جاموس المستنقعات المنتشر في منطقة الغاب، حيث كانت مستنقعات الغاب المنطقة النموذجية لانتشاره وأدى تجفيفها منذ حوالي خمسة عقود إلى تناقص أعداد الجاموس فيها، حيث كانت تحتوي على أكثر من 3000 رأس من الجاموس وبنسبة 69% من إجمالي عدد الجاموس في سورية، أما الآن فقد انخفضت أعداده وانحصر وجوده في بعض قرى الغاب.
وبيّن الدكتور حمود لموقع "بتوقيت دمشق" أنّ الجاموس يحتل المرتبة الرابعة من حيث التعداد والأهمية بعد الأغنام والماعز والأبقار، حيث وصلت أعداد الجواميس في عام 2022 لـ 6564 رأس وكان إنتاجها 2370 طناً من الحليب و152 طناً من اللحم، موضحاً أنّ أهم ميزات الجاموس السوري هو تفوق إنتاجيته في الحليب عن الأبقار المحلية من ناحية كمية الحليب ونوعيته، وتميزه بقدرته على تحويل الأعلاف إلى حليب أو لحم مقارنة بالأبقار المحلية، إضافة إلى ارتفاع نسبة الدسم في حليبه بالإضافة إلى لونه الأبيض الناصع لقدرته على تحويل الكاروتين إلى فيتامين أ مما يجعل لبنه مرغوباً.
يتمتع الجاموس ببنيته القوية وقدرته على التأقلم مع الظروف البيئية ومقاومة الأمراض البيئية الوافدة، وأثبت الجاموس مقاومته لأخطار الإشعاع الذري بالمقارنة مع بقية الحيوانات الزراعية الأخرى، وتميزه أيضاً بطول حياته الإنتاجية وعدد المواليد الممكن إنتاجها، إضافة إلى جودة صفات لحمه من حيث انخفاض نسبة الكولسترول به.
أما عن معوقات تربية الجاموس لفت الدكتور حمود إلى أنّ قلة توفّر الأعلاف المناسبة للجاموس وغلاء أسعارها رغم شمول الجاموس بالمقننات العلفية المدعومة المقدّمة من المؤسسة العامة للأعلاف، وافتقار المراعي للخصوبة، إضافة إلى الجفاف الذي تتعرض له المنطقة عموماً والارتفاع المستمر لدرجات الحرارة مما يجعل تربية الجاموس مهددة بالخطر، كذلك قلة توفّر الأدوية البيطرية الخاصة بالجاموس وارتفاع أسعارها.
وعن الخطط التطويرية لتربية الجاموس في سورية أكد الدكتور حمود أنّ وزارة الزراعة أولت موضوع تربية الجاموس اهتماماً كبيراً في ملتقى تطوير القطاع الزراعي، وكان أحد أهم مخرجات الملتقى في الشق الحيواني (مشروع تحسين واقع تربية الجاموس في سورية) والتوسّع في تربيته وفق البيئات المناسبة؛ والذي يتم العمل عليه من قبل الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية والمديريات المعنية في الوزارة، إضافة إلى التنسيق مع المنظمات العربية والدولية العاملة في سورية بهذا الصدد، والاستمرار بتقديم الخدمات المتاحة التربوية والصحية البيطرية، وتقديم المقننات العلفية وفق ما هو متاح لدى المؤسسة العامة للأعلاف.
تربية الجاموس في منطقة سهل الغاب
بيّن الدكتور "أوفى وسوف" مدير هيئة تطوير الغاب لموقع "بتوقيت دمشق" أنّ تربية الجواميس تنتشر في منطقة الغاب حالياً في مراعي ناعورة شطحة حيث يبلغ عدد الجاموس عند المربين حوالي 604 رأس بالإضافة إلى محطة تربية الجاموس التابعة للبحوث العلمية الزراعية وعدد الرؤوس فيها ٢١٠ رأس.
وأكّد الدكتور وسوف أنّ هيئة تطوير الغاب تقوم بتقديم التحصينات الوقائية ضد مرض الحمى القلاعية بمعدل مرتين سنوياً وكذلك لقاح التهاب الجذل الكتيل مرة واحدة في العام ولقاح الانتروسيما قبل تبديل نوع العلف من جاف إلى أخضر وبالعكس وكذلك معالجة ضد الطفيليات الداخلية، ويقدم لمربي الجاموس مقنن علفي بشكل شهري.
وأوضح الدكتور وسوف أنّ إنتاج الجاموس من الحليب قليل ولكن يتميز بارتفاع نسبة الدسم من ٨_١٢٪ ولونه أبيض ناصع، حيث يعتبر جبن الجاموس ذو طعم محبب ومرغوب لكثير من الناس. لافتاً إلى أنّ تربية الجاموس ما زالت محصورة بعائلات محددة تعتمد على خبراتها المتوارثة.
بتوقيت دمشق|| علا أبو سعيد
عدد القراءات: 202