كتب د. سعـد بساطـة في صحيفة «الوطن»: ما من مفردة جرى استعـمالها مؤخراً بنفس التكرار؛ كمثل هذه الكلمة… وهنالك من يعـرف معـناها؛ أما البعـض الآخر فلديهم تصورات مبهمة عـنها؛ ولكن الغـالبية العـظمى تعـتبره شيئاً غـامضاً مذموماً؛ ولكن ليس بيدها فعـل شيء حياله! التضخـّم بالتعـريف هو: الارتفاع المفرط في المستوى العام للأسعار، تضخم الدخل النقدي أو عـناصره؛ أو ارتفاع التكاليف. ليس من الضروري أن تتحرك تلك الظواهر المختلفة في اتجاه واحد وفي وقت واحد، وبالتالي فإنها مستقلة عن بعضها بعضاً إلى حد ما. يعد التضخم فقدان القوة الشرائية بمرور الوقت، ما يعني أنّ كمية النقود التي تمتلكها لن تشتري لك اليوم ما كانت تستطيع شراءه بالأمس. وهناك مقياسان أساسيان للتضخم: مؤشر أسعار المستهلك، ومؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي. ينشأ التضخم بفعل عوامل اقتصادية مختلفة ومن أبرزها ذاك الناشئ عن التكاليف: ارتفاع التكاليف التشغيلية في الشركات الصناعية أو الخدمية، وهنالك التضخم الناشئ عن الطلب: بسبب زيادة حجم الطلب النقدي والذي يصاحبه عرض ثابت من السلع والخدمات. ولا ننسى التضخم الناشئ عن ممارسة الحصار الاقتصادي الذي يمارس من قوى خارجية، كما حصل للعراق وكوبا من قِبل أمريكا ونتيجة لذلك يَنعدم الاستيراد والتصدير في حالة الحصار الكلي ما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التضخم وبالتالي انخفاض قيمة العملة الوطنية وارتفاع الأسعار بمعدلات غير معقولة. الكثير يعـتبرون التضخم لصاً؛ أخطر من ذاك الذي يسرقك جهاراً نهاراً بقوة السلاح! كيف نشرح التضخم لطفل في السادسة من عـمره؟ بسيطة؛ نقول له كانت لعـبتك بالعـام الماضي تكلـّف أمنية واحدة لمّا ترمي سنك المخلوعـة باتجاه الشمس؛ هذه السنة ستكلـّفك نفس اللعـبة؛ خلع ثلاثة أسنان! ويفسـّر حلاق التضخم بقوله أنّه دفع الزبون لمبلغ يزيد عـلى 7000 ل.س قيمة حلاقة كانت تكلـّف 500 ليرة عـندما كان لا يزال برأس الزبون شعر! يمكن الحد من التضخم باتخاذ السياسات المالية والنقدية المختلفة (ضرائب عـلى السلع الكمالية؛ سندات الدين العـام؛ خفض الإنفاق الحكومي..). بعـد تأخير الساعـة؛ تنهـّد أحدهم قائلاً: «مع التضخم.. فهذه الساعـة هي الشيء الوحيد الذي وفرته طوال العـام الماضي»...! شاهدت صورة كاريكاتيرية منذ أيام عـن شخص أمام محل تجاري يعـرض سلعـة بستين جنيهاً؛ انحنى لثوانٍ بغـية ربط حذائه؛ ومجرد أن رفع رأسه فوجئ بسعـر السلعـة قد تغـيـّر ليصبح ثمانين جنيهاً! طرفة قرأتها بصحيفة فرنسية؛ شخص يعـلن: باركولي؛ لقد دفعت آخر قسط عـن سيارتي، ثم يتابع؛ لم تنته الأقساط؛ ولكن بسبب التضخم؛ ليس بإمكاني دفع المزيد! ما الشيء المشترك بين سعـر الدولار والثوب الأميركي عـبر الزمن؟... الجواب: الاثنان بحاجة لتعـديل بسبب التضخم! باحتفال فريد من نوعـه باليوبيل الماسي للملكة إليزابيث؛ تم تخفيض قيمة طابع البريد الداخلي في بريطانيا من 7 ونصف بنس إلى 7 بنسات؛ وهذه بادرة عـجيبة (كما لو نتحدث عـن قطعـة حجر نرميها فلا تطيع قانون الجاذبية ساقطة للأرض)! صديق لي؛ يعـمل في شركة عـملاقة ببلد غـربي؛ فوجئ بأحد الأشهر براتبه زائداً 7 بالمئة؛ فلما سأل عـن الزيادة – ظاناً منه أنّها مكافأة- عـرف لاحقاً بأنّ مرتبه مرتبط بـ71 سلعـة؛ عندما تزداد أسعـارها السوقية؛ يرتفع راتبه أوتوماتيكياً! في الختام؛ كما أنّ كل السيدات يرغـبن بالحفاظ عـلى قوامهن دون «تضخم»؛ ويبذلن في سبيل ذلك الغـالي والرخيص؛ فعـلى الدولة المحافظة عـلى أسعار السلع والخدمات؛ من دون تضخـم –لا لأسباب جمالية- بل لضمان الأمن الاقتصادي للبلاد والعـباد.